مقال مترجم من اللغة الفرنسية، نشر أولاً في صحيفة لوفيغارو بتاريخ ٢٤-٩-٢٠١٤
هدف القتال ضد الدولة الاسلاميه والتي تتميز بوحشية شمولية تسعى لتخضيع الشرق الأوسط أولا والعالم بأسره في نهايه المطاف. مؤخراً، قامت عشره دول من المنطقه بتوقيع بيان (جدة) للتعهد بمساعده أوباما في حملته ضد الدولة الاسلاميه لكن تبين ان هذه الدعوة ينقصها توقيع ألا وهو توقيع تركيا الاردوغانية.
عندما حاول وزير الدفاع الامريكي جاك هاغل إقناع تركيا بالمشاركة في التحالف ضد الدولة الاسلاميه، رفضت انقره رفضا قاطعا، ورفضت كذلك السماح للطائرات الامريكية وطائرات الناتو بالإقلاع من قواعد تركيا رغم انها الأكثر عملية للوصول الى العراق وبذلك تكون انقره قد تراجعت عن تحالفها الابتدائي مع حلف شمال الأطلسي، ونشير ان القواعد الجويه التركية تحتوي على أحدث التكنولوجيا القادمه من الصناعة العسكرية الامريكيه وانه يتم تدريب الطيارين من قبل الولايات المتحدة الامريكيه كما ان تركيا تعتبر كذلك موطنا لأربعه وعشرين قاعدة لحلف شمال الأطلسي.
أما الحجة الرسمية التي قدمها اردوغان حتى تاريخ ٢٠-٩-٢٠١٤ لعدم المشاركة في التحالف ضد الدولة الإسلامية وهي مصير الستة والأربعون سجينا تركيا المأسورين في الموصل من قبل الدولة الإسلامية منذ شهر حزيران ٢٠١٤.
مؤخراً تم الإفراج عن هؤلاء الأسرى مقابل مساعدة تركيا للجهاديين في محاربه الأكراد في سوريا على الأرجح.
إن عذر الرهائن اذا جاء فهو لإخفاء حقيقه أخرى غير مقنعه نهائياً من طرف دولة (حليفه) تدعي انها ضد الإرهاب وتريد الاندماج في الاتحاد الاوروبي والتي تعتبر دعامة من دعائم حلف شمال الأطلسي.
تدعم تركيا بقيادة السلطان الجديد اردوغان في كل من سوريا والعراق مجموعات اسلاميه ارهابية بمافي ذلك الدولة
الاسلاميه التي تحتوي على ألف جهادي تركي.
تغاضت انقره منذ بدايه الحرب الأهلية السوريه عن معسكرات التدريب للدولة الاسلاميه بتركيا وعلى مرور الأسلحة والجهاديين كذلك من جميع أنحاء العالم عبر الاراضي التركية جاؤوا للقتال في سوريا والعراق.
كما يتم تجنيد الجهاديين في تركيا علناً في الجوامع والمدارس وحتى في صفوف قوات الأمن، وقد تم التنديد بحقيقة دعم الحكومة التركيه للدولة الاسلاميه من قبل المعارضة التركيه ذاتها (حزب الشعب الجمهوري) الذي يبكي على بلاده والتي أصبحت بنطره القاعده الخلفية الأكثر أماناً للدولة الاسلامية التي تحتوي من بين مكوناتها النقشبنديون وحركة الاخوان المسلمين القوية والتي تعتبر قريبة جداً من حزب العدالة والتنمية واردوغان.
سؤال يواردنا وهو: هل يكره السلطان التركي ادروغان العلوي بشار الأسد اكثر مما يخشى الدولة الاسلامية؟
أم انه متضامن ضمنياً مع الجهاديين (لأنه يحن مثلهم للخلافة) والذين يحاربون العلويين السوريين العلمانيين بالأسلحة كما يحارب اردوغان سياسيا أبناء عمهم الأتراك الاليفيين والذي يعتبرون كفاراً ؟
ظهرت تركيا في الأسابيع الأخيرة كحليف حقيقي للدولة الاسلامية ضد الأكراد في سوريا والذين لايملكون الأسلحة الكافية لمحاربة هؤلاء الارهابيين للأسف. والأكثر من ذلك توجد معلومات لتفسير هزائم الكرد الأخيرة في كوباني (شمال سوريا) عند مواجهتهم لداعش وهو أن الجيش التركي قام بتسليم خمس دبابات على الأقل للدولة الإسلامية كما مددعم بالعديد من الأسلحة الثقيلة.
وأخيرا رفضت تركيا أيضاً الحد من تهريب النفط من العراق وسوريا في حين ان عشرات حقول النفط والتصفيه في العراق وسوريا التي تقع تحت سيطره الدولة الاسلاميه تولد مليوني دولار يوميا.
لا شك في ذلك انه لا يمكن لأي أحد يتابع الملف السوري أن ينكر الدور الغامض الذي يلعبه اردوغان من خلال دعمه للدولة الاسلامية.
ربما ينبغي للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الذين سارعوا بالتنديد بروسيا حول القضايا النووية الايرانيه والأزمة الأوكرانية، أن يظهروا مثل هذه اليقظه الكبيرة تجاه بلد يملك أقل بكثير من الأعذار لتبرير عدم مشاركته في الائتلاف الغربي لانه يعتبر عضوا أساسيا في منظمه حلف شمال الأطلسي.
كما يجب على اردوغان ورئيس الوزراء ﺍﺣﻤﺪ داوود أوغلو الذي يعتبر مهندس سياسته تركيا الاستراتيجية ( العثمانية الجديده) ان يختار أحد الجانبين امام خطر جسيم كخطر الدولة الاسلامية. :
فإما أن تبقى تركيا عضواً في التحالف وتشارك بذلك في الائتلاف الدولي ضد الدولة الاسلامية وتتوقف عن تزويدها بالأسلحة. أو أن تستمر تركيا في التصرف بمثابة حليف لأسوء عدو للديمقراطيات منذ الرايخ الثالث والاتحاد السوفييتي وتغادر بذلك حلف شمال الأطلسي.
كما يتطلب من حلف الناتو أن يكون أكثر تناسقاً، فقد سمح منذ عام ١٩٧٤ الغزو التركي لجزيرة قبرص بنسبة ٣٧٪ مع أن الجزيرة تعتبر عضواً إلى يومنا هذا في الإتحاد الاوروبي. كما أننا لا يمكننا أن نتجاهل التعدي وبشكل مستمر على الحدود اليونانية وعلى منطقة بحر ايجة علماً أن هذه الأخيرة عضواً في التحالف.
من هنا لم يعد بالإمكان قبول دعم انقره للجهاديين بالرغم من تنديد حزب الكماليين لهذا الدعم.
انضمت فرنسا مؤخراً في عام ٢٠٠٩ إلى القيادة المشتركة للناتو بعد أن تركتها عام ١٩٦٦ تحت قيادة الجنرال ديغول. من هنا يجب على فرنسا استخلاص النتائج إذا كانت تركيا لا توضح مواقفها.
والسؤال الأهم إلى متى سنستمر في تحمل تصرفات اردوغان التي لا توصف ؟
رندا قسيس رئيسه حركة حركة المجتمع التعددي
فابيان بوسار رئيس مركز العلاقات الخارجيه الفرنسي