صدى الشام   11/11/2015

اعتبرت رئيسة حركة المجتمع التعددي رندا قسيس، أن الطرف الروسي لازال طرفاً قادراً على فرض الحل. وخلال لقاء خاص بـ”صدى الشام”، أشارت قسيس إلى اعتماد اجتماع “جنيف” في جزء كبير من مشاوراته على مبادرة مؤتمرات “استانة”، واصفة المشاورات التي تجري في “فيينا” بـالمشاورات “طويلة المسار”. صدى الشام أجرت لقاء مطولا معها وفيما يلي نص الحوار.

حاورها مصطفى محمد

– أين تجد رندا قسيس نفسها، في المعارضة السورية، أم في طرف النظام السوري، أم أن هنالك طريقاً ثالثاً يناسبك أكثر؟

لا أعتقد أن هناك طريقاً ثالثاً. لا شك أن مكاني في المعارضة، ولكن السؤال هنا ما هي المعارضات الموجودة؟

على الساحة السورية، هناك معارضة تؤمن بالحل العسكري، وأنا لا أسميهم معارضين سياسيين. عندما نتكلم عن معارضة سياسية، معنى ذلك أننا نتكلم عن حل أو تغيير بالطرق السياسية. وماذا يعني هذا؟ يعني أن هنالك واقعا موجودا في سوريا، هذا الواقع يجب أخذه بعين الاعتبار، والبحث عن الطرق الملائمة لإيجاد مخرج ووقف الحرب، هذا أولاً، وثانياً لتغيير النظام السوري على عدة مراحل، وذلك حسب المعطيات الموجودة على الارض.

– لو أراد النظام حلاً سياسياً لما وصلنا إلى ما نحن عليه، للآن لازالت رندة قسيس مقتنعة بجدية النظام؟

بعد مرور أكثر من أربعة أعوام، هل يمكن لأي انسان أن يقتنع بنجاعة الحل العسكري، لصالح النظام، أو لصالح الكتائب الموجودة؟ في النهاية نحن ماذا نريد؟ نحن كمعارضة سياسية نريد إحداث تغيير، وهذا ما يريده الجميع، لكن من خلال الطرق السياسية لا من خلال العسكرة والسلاح.

– وأين السياسة في سلوك النظام، طبعا لن نخوض بإشكالية الثورة والعسكرة التي أصبحت سيرة قديمة لربما؟

ومن قال إننا سنحدث تغييراً مع النظام، طبعاً النظام لا يريد أي حل سياسي، النظام لا يريد إحداث أي تغيير. النظام مازال مثل الآخرين، يؤمن بالحل العسكري. المشكلة هنا تكمن في إيجاد الحل السياسي، وهذا الحل لن يكون مع النظام، سيكون مع دول أخرى تدعم مؤسسات الدولة وتريد عدم انهيار هذه المؤسسات.

قسيس: الحل لن يكون مع النظام، سيكون مع دول أخرى تدعم مؤسسات الدولة وتريد عدم انهيار هذه المؤسسات، وسيمر من روسيا.

لا يمكن أن نقول للنظام سلمنا الحكم بكل بساطة واذهب، هذا مستحيل. ولذلك يجب علينا بالمرحلة الأولى أن نشاركه في حكومة مع تحديد صلاحيات لهذه الحكومة، وعلى بشار الأسد أن يعطي لهذه الحكومة جزءا من صلاحياته، وهذا ما أدافع عنه.

– هذا الطرح هو ما يريده النظام. لكن هل تقصدين بالدول الأخرى التي تدعم المؤسسات روسيا مثلا؟

طبعاً، أنا اعتقد أن الحل سيمر من روسيا.

– والتدخل الروسي العسكري المباشر ألا يجعل من روسيا طرفاً غير قادر على إيجاد حل؟

روسيا اليوم قادرة على الحل أكثر من أي وقت مضى، بما أنها تدخلت عسكرياً فهي تستطيع أن تفرض أي حل سياسي على النظام، على عكس المفهوم تماماً.

أنا لا أقول هنا إن علينا الانتظار لحين تقديم الروس والدول الأخرى لحل، علينا كسوريين أن نساعدهم وأن نعطيهم رؤيتنا، ومن أجل هذا نحن في “استانة” تكلمنا عن مبادرة واقعية عقلانية تقضي بتشكيل حكومة تشاركية، وإجراء انتخابات برلمانية يحق للجميع المشاركة فيها، مع تغيير الدستور. يعني لا يمكن لهذه الانتخابات البرلمانية أن تجري مع الدستور الحالي.
ولذلك المهمة الأولى لدينا هي تغيير الدستور، وحين يتغير الدستور وتعطى صلاحيات للبرلمان، حينها يبدأ الحل السياسي.

– هل أثر التدخل الروسي المباشر على موقف رندا قسيس من روسيا؟

بالنهاية أنا أريد الحل لسوريا، عندما نريد الحل لسوريا يجب علينا أن نفصل بين العقل والعواطف، لأن العاطفة لا يمكن إلا أن تقودنا نحو استمرار الدمار، ولذلك علينا أن نفكر بشكل عقلاني حول كيفية توظيف أو الاستفادة من كل ما يجري اليوم في سوريا والعمل عليه.

– لم أتلقَ رداً. هل أثر التدخل المباشر على موقفك من روسيا، ونحن نعلم أنك ترين في روسيا وسيطاً مناسباً؟

ليس الموضوع رأي رندا قسيس شخصياً.

– سؤالي لك ليس شخصياً، سؤالي هنا كونك رئيسة لحركة المجتمع التعددي؟

نحن في الحركة نعتقد أن روسيا يمكنها إحداث تغيير، بينما لا يمكن لا لتركيا ولا للولايات المتحدة ولا قطر ولا لفرنسا إحداث هذا التغيير. لماذا؟ لأنهم وبكل بساطة ليسوا في الداخل.
روسيا تستطيع التغيير، وفي مرحلة ثانية سيكون لدينا عائق آخر، وهو كيف يمكننا التعامل مع إيران الموجودة عسكرياً.

– الحل سيمر عبر “موسكو”، وأين تضعين قتل الروس والإيرانيين لـ 878 شخصا سوريا، من بينهم 86 طفلاً و65 امرأة، في أول أسبوعين من عمر التدخل الروسي فقط؟

قتل الأبرياء أمر غير مقبول من أي طرف كان. لكن للأسف الشديد نحن في حرب، وإن لم نفهم هذه المعطيات لن نأتي بحل. على العكس تماماً، نحن كحركة نريد إيقاف هذا القتل، وخصوصا للأبرياء والمدنيين.

قسيس: ماذا نستفيد من إدانة قتل الروس للسوريين؟ نحن نعمل في مجال السياسة، ولسنا نشطاء. يمكن للنشطاء السياسيين أن يدينوا.

السؤال هنا كيف يمكننا ذلك، أي ماذا نستفيد من الإدانة هنا، يمكن لأي ناشط الإدانة، لكنه سيبقى كلام فقط دون أي أثر آخر، نحن ما نريده في الحركة هو إحداث تغيير ووقف هذه الحرب. ومن هنا لا يمكننا الإدانة نحن نعمل بمجال السياسة، والعمل السياسي يختلف عن النشاط السياسي، يمكن للنشطاء السياسيين أن يدينوا.

– نتكلم هنا عن دماء سورية بريئة أُهدرت جراء استهدافها من مقاتلات روسية، كل ذلك لا يستحق الإدانة؟ وأبعد من ذلك، أنتم تعقدون اجتماعات معها على الرغم من قتلها للسوريين؟

اسمح لي أن أعكس السؤال هنا، ما هو الحل؟

إذا لم نتكلم مع الروس، وإذا اتخذنا موقفاً معادياً منهم، ما هو الحل؟ نحن لا نشجع قتل الأبرياء، ولأننا نريد وقف هذا القتل علينا أن نتكلم بواقعية، لنجد طريقة لوقف هذه الحرب مع الروس.

– إلى أين وصلتم في مؤتمرات “استانة”؟

خرج المؤتمر بمبادرة كما أشرت سابقاً عن المؤتمر، وهذه المبادرة تحولت إلى مبادرة دولية بالمناسبة، وما يحدث في “فيينا” يعتمد على مبادرة “استانة”. وأبعد من ذلك، مبادرة “استانة” هي المبادرة الوحيدة الواقعية التي تكلمت عن تغيير الدستور، وحكومة تشاركية.

قسيس: ما يحدث في “فيينا” يعتمد على مبادرة “استانة”. والتي هي المبادرة الوحيدة الواقعية التي تكلمت عن تغيير الدستور، وحكومة تشاركية

– الحكومة التشاركية طرح روسي، ومن هنا يوجه الكثير لكم النقد، وخصوصاً للأسماء التي حضرت في “استانة”، على سبيل المثال: الدكتور “محمود حمزة”، رئيس المجلس الوطني السابق لإعلان دمشق في المهجر، في إحدى مقالاته الصحفية المنشورة، وضعك أنت، رندة قسيس، وقدري جميل وفاتح جاموس في سلة واحدة، ووصفكم بأنكم شخصيات هامشية ومنبوذة جاءت بكم موسكو، لتلميع صورة المعارضة، ما هو ردك على ذلك؟

لن أدافع عن نفسي، ودعني أقول أنني أترفع عن الخوض في هذا المستوى التافه، هذا الكلام بغض النظر عن الشخصية التي قالته، إن كان مفكراً أو غيره. نحن الذين نعمل بجدية أكثر من غيرنا، ليأتي أحدهم ويقول “أنتم من صنع النظام”! وكلامه مردود عليه.

– هذا النقد الموجه لكم لا يقتصر على شخص، الكثير يتهمونكم بأنكم معارضة مفصلة على مقاس النظام؟

أقول لهؤلاء: “النظام يكرهنا أكثر من كرهه لكم، لأننا نحن المعتدلين والواقعيين، ونحن من يستطيع إحداث هذا التغيير، وليس هؤلاء الذين لا يعرفون إلا ترديد الشعارات. هذا الكلام لا أرد عليه.

– كثيرا ما ترددين مصطلح الأقليات السورية، وهل لديك مشكلة مع الأكثرية “السنية” السورية؟

لا مشكلة لدي مع الأكثرية، أنا أريد أن أعالج المشكلة، أو لبّ المشكلة. إن سبب استمرار النظام للآن هو خوف الأقليات من المجهول. دعونا نقولها بصراحة، نحن نعلم تماماً أن هناك الآلاف من الإسلاميين الراديكاليين الذين يقتلون العلويين، والمسيحيين، لكن هنا أنا لا أتهم السنة.

– من تتهمين إذاً؟

لا أستطيع وضع السنة في سلة واحدة، فمن السنة من هو علماني، وهناك أيضاً الملحدون من السنة، وبالتالي هؤلاء أقليات أيضاً. وأيضاً هناك السنة المعتدلين والصوفيين، إذاً هؤلاء أقليات أيضاً.

عندما أتكلم عن الأقليات أتكلم عن جميع هؤلاء، ولا أتكلم عن الطائفة السنية بعينها، لأنه لا يمكن الربط فيما بينها، أو بمعنى آخر هي ليست متجانسة. الموضوع إذا أن الجميع هم أقليات.

المشكلة في سوريا أن هناك مجموعة تريد أن تقول أن هنالك كتلة سنية واحدة وهي الأغلبية والبقايا هم أقليات، العلمانية هي الحل لكل ذلك، لأنها قادرة على بناء هوية واحدة لسوريا.

– رندة من قسيس من المؤمنين بأهداف الثورة، على الأقل في بداياتها، صحيح؟

طبعاً، وكنت من أوائل من تحدثوا عن ضرورة تغيير النظام.

– هل نادت الثورة بمشروع الإدارة الذاتية؟ ما نعرفه أن الثورة نادت بسوريا واحدة حرة، كيف تريدين إذا تعويم مشروع الإدارة الذاتية الكردية؟

الحرية كانت مطلب الثورة، والحرية لا يمكن أن تكون مشروطة، ونتائج هذه الحرية هي الإدارة الذاتية. وإن كنا نطالب بالحرية فعلينا احترام آراء الآخرين. وبالرغم من دعمي للإدارة الذاتية، ودعم الكرد في حق تقرير مصيرهم، لكني أريد بناء دولة ذات هوية واحدة.

– مشروع الإدارة الذاتية الكردية وفق مشاهدات الساسة، تتجه إلى الانفصال، ما ردك على هذا؟

لندع موضوع الانفصال، ولنتحدث عن موضوع الفيدرالية. الحقيقية هنالك فرق شاسع ما بين الفيدرالية والانفصال، أمريكيا دولة فيدرالية، وكذلك سويسرا و….

وعليه نحن نريد الفيدرالية على الطريقة السورية، لا نريد فيدرالية الولايات المتحدة.

– ما هي توقعاتك من اجتماعات “فيينا” المقبلة؟

هذا المسار سيطول، وعلينا دعمه بجدية. لأننا إن كنا نريد رحيل الأسد، فعلينا دعم هذا المسار، وهو نقطة البداية التي تضعنا بعدها على مسارات أخرى.

– ختاماً هل ترين الحل قريب؟

أنا من المتفائلين بعام 2016، وسيشهد هذا العام بداية الحل، لا أقول عام الحل.

http://www.sadaalshaam.net/addons/News/views/Default/Home/web/6432