راديو روزنة          17/1/2018

بعد أن أعلن البيان الختامي للجولة الثامنة من مفاوضات آستانا في نهاية الشهر الفائت عن تحديد موعد رسمي لمؤتمر الحوار الوطني السوري والمزمع إقامته في مدينة سوتشي الروسية يومي 29 و30 كانون الثاني الجاري.

انطلقت ردود الفعل من قوى المعارضة السورية حول المشاركة فيه من عدمها، وتباينت الآراء حول جدوى المشاركة فيه وأهميته في تعزيز العملية السياسية من أجل سوريا.

راديو روزنة أجرى لقاءات خاصة مع شخصيات عدة في قوى المعارضة السياسية واستطلع آراءهم حول المؤتمر الذي بات يعرف إعلامياً بـ “مؤتمر سوتشي“.

سوتشي..استهانة بكرامة السوريين؟

و قال الدكتور برهان غليون الأكاديمي السوري والرئيس الأسبق للمجلس الوطني السوري المعارض؛ في تصريحات خاصة لروزنة؛ “أنا وجميع قطاعات الرأي العام السوري الوطني والحر ندعو لإسقاط مؤتمر سوتشي وإجهاضه؛ وأعتقد ان الحملة الشعبية الواسعة التي بدأت منذ اسابيع قليلة بنداء وجهته مئات الشخصيات السورية الوطنية قد حققت أهدافها؛ وهناك أخبار متقاطعة تفيد بان القيادة الروسية أدركت فشلها وقررت تأجيله كمرحلة اولى قبل إلغائه.”

وتابع؛ لقد “أصبح هذا أيضا موقف العديد من الدول الاوروبية والأمم المتحدة التي رفضت تغطيته، والسبب أن هذا المؤتمر، بالصيغة التي طرح بها لا يمكن أن يحقق الحل السياسي والسلام المنشود، ولكنه يهدف بالدرجة الأولى إلى إجهاض مفاوضات جنيف التي تستند إلى مرجعية دولية هي قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، من أجل تفصيل حل على مقاس “الاحتلال” الروسي والايراني الحليف له، وإخراج الشعب السوري، بعد كل تضحياته، فارغ اليدين، بل أخطر من ذلك مقسما إلى شعوب، تتنازع في ما بينها حدود الفدراليات والحكومات الذاتية في مناطق لا أحد يعرف ما ضرورتها” بحسب تعبير غليون.

واعتبر غليون في حديثه لروزنة أن “الطريقة التي طرح فيها المؤتمر في سوتشي تعبر عن استهانة لا تغتفر بكرامة السوريين وأدنى حقوقهم، وهي أن يشاركوا في صياغة مؤتمر حوارهم، إذا كان هناك بالفعل حوار، فهذا المؤتمر ينظم من دون استشارة السوريين وبترتيب أحادي من موسكو وطهران وأنقرة وكذلك من دون مشاورة الدول الأخرى ولا الأمم المتحدة. فهذه العواصم الثلاث هي التي رسمت اهدافه وقررت اجندته ووضعت قائمة أسمائه ونظمته، تماما كما تريد له ان يقدم من نتائج.”

وختم حديثه بالقول ” لن يكون هناك سلام ممكن في سوريا، كما هو الحال في كل النزاعات الوطنية والدولية من دون عدالة، وأي حل يسعى إلى فرض الاذعان على طرف لصالح طرف آخر، وهو هنا الشعب، سيكون حلا ظالما وغير قابل للحياة، وإعادة فرض الأسد رئيسا، ولو ليوم واحد، على الشعب الذي لفظه، وتبرئته من جرائم الحرب التي كبلته بتهمها جميع تقارير المنظمات الانسانية لا يمكن ان يكون حلا عادلا ولكن تسعيرا للنزاع وتمديدا لأجل الحرب.”

الشعب السوري ينتظر حل سياسي..

في حين قالت السيدة رندا قسيس؛ رئيسة منصة أستانا السياسية ورئيسة حركة المجتمع التعددي السورية، في حديثها لراديو روزنة “أن  أغلبية الشعب السوري ينتظر حلا سياسيا ولا شك أيضا ان الكثير ممن كانوا يراهنون على الحل العسكري أصبح لديهم قناعة انه لا يمكن أن نصل الى تسوية حقيقية من سوريا إلا من خلال حل سياسي وليس عسكري وخصوصا ان الدول الراعية لهؤلاء المعارضين المتشددين الذين كانوا ينادون بحل عسكري منذ فترة ليست ببعيدة أصبحت (أي هذه الدول) مستبعدة عن الحل السوري كما هو حال بعض الدول الأوروبية فمثلا بريطانيا مهتمة بملف “البروكسيت” كما أن بعض الدول الإقليمية تغيرت أولوياتها كما هو حال السعودية، أما بالنسبة لتركيا فقد شاهدناها كيف أصبحت شريكا لروسيا في مسار استانا ويمكنها أن تكون أيضا في محادثات سوتشي.”

وأضافت “كمَّا نشاهد أيضا ضعف السياسة الخارجية للولايات المتحدة وعدم استطاعتها فعل المثير في سوريا حتى بعد تصريحها لتشكيل جيش حدودي من ٣٠٠٠٠ عسكري ولدي شك بتحقيق نيتهم لأسباب عديدة اولا انهم بعلاقة سيئة مع تركيا ولا يمكن لتركيا السماح لهم بتشكيل أية قوة يمكنها أن تهددهم كما أن وجود بعض القوات الروسية في سوريا لن يسمح بهذا الشيء و باعتقادي ان هذا المشروع هو للحفاظ على ميزانية للبنتاغون وعدم تقليص هذه الميزانية. “

واعتبرت قسيس في حديثها لروزنة أن “الحل السياسي في جنيف متعثر ولأسباب عديدة نذكر منها أن الوفد المعارض لا يمتلك إلى الآن أية رؤية سياسية واقعية ولَم يستوعب ما معنى التسوية السياسية فهو مازال بعيدا عن الواقعية أما وفد حكومة (النظام) السوري فهو مازال متمسكا بعجرفته وتعنته ووجوده هو فقط شكلي، من هنا أجد ان مؤتمر سوتشي هو المؤتمر الأنسب الذي يمكنه اتاحة فرصة لكثير من السوريين السياسيين الذين يعملون على تسوية حقيقية والبدء بعملية التغيير التي تبدأ من خلال كتابة دستور جديد لسوريا لخلق مشروع سياسي والمباشرة بتحديد ما هو شكل الدولة السورية المستقبلية مع أخذ العلم بالواقع الحالي وإمكانية الوصول الى تغيير فعلي، كما ان الرعاية الروسية في غاية الأهمية للوصول الى أي اتفاق بين جميع الأطراف.”

مؤتمر سوتشي مريب!

فيما قال السيد ملهم الدروبي القيادي في جماعة الاخوان المسلمين بسوريا وعضو الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري المعارض، في حديثه مع روزنة ” نحن لسنا مع مؤتمر سوتشي ولا مع حضوره، لأن هذا المؤتمر مريب من حيث الداعي له؛ الروس؛ وهم “محتلون” لوطننا سوريا” وأتهم الدروبي في حديثه أن غالبية المدعوين إلى مؤتمر سوتشي هم من مؤيدي (رئيس النظام السوري).

وتابع مضيفاً ” هناك تصريح من مصدر مسؤول بالخارجية الروسية قال بأن من لا يريد بقاء بشار الأسد عليه أن لا يحضر إلى سوتشي؛ وهم بذلك سهلوا الموضوع على المعارضة السورية، لأن الثورة السورية قامت من أجل مجموعة من المبادئ في الحرية والديمقراطية وهذا كان يستدعي رحيل (رئيس النظام السوري) بشار الأسد، فنحن في هذه الحالة لن نحضر مؤتمر سوتشي، لأنه ضد مبادئ الثورة والالتفاف على الشرعية الدولية، والالتفاف على الأمم المتحدة ومسار جنيف

ورأى الدروبي في معرض حديثه مع راديو روزنة أن ” مؤتمر سوتشي لن يعزز العملية السياسية في سوريا، فالعملية السياسية أصلا متوقفة؛ فلم يكن هناك عملية سياسية بمعنى الانتقال السياسي كما جاء في قرارات الأمم المتحدة 2118 و2254، والذي عطل تنفيذ هذه القرارات بشار الأسد (رئيس النظام) ومؤيديه من الروس والإيرانيين، وكذلك الأمر تقاعس المجتمع الدولي عن تنفيذ قراراته، وسوتشي لن يكون فيه عملية سياسية بالمعنى الحقيقي.”

https://goo.gl/cCAqfJ